موقع الأديبة د.فليحة حسن

الموقع الرسمي

– * الشاعرة العراقية فليحة حسن للزمان الدولية

الشاعرة العراقية فليحة حسن للزمان الدولية : لو عرف الحكام لذة ما نكتب لقتلونا/ حاورها عبد الحق بن رحمون 

fa

ما حكايتك مع القصيدة… وهل لك أن تروي لنا كيف تكتبينها والمراحل التي تمر منها ؟

ليس من السهل الحديث عن القصيدة التي أكتبها، فهي ليست تمريناً يومياً أجبر ذاتي على ممارسته ، بل هي موقف أعيشه حياتياً أمر به وأتأثر به قصيدتي ألمي الذي يعتصر روحي حدّ الكتابة وليس أقل من ذلك أبداً .

موقع الخيال والصدق في تجربتك؟ وهل بمستطاعك أن تكتبي قصيدة كل يوم؟

في أيما قصيدة توجد مناطق وعي لابد للشاعر أن يدركها ويخوضها بوعيه لحظة الكتابة، وفيها ما ينتمي الى المخيال الشعري الشيء الكثير جداً الذي لابد للشاعر ان يعتمد عليه في كتابة قصيدته ،

والشاعر الحق من يوصل قصيدته لمتلقيه ويظهرها وكإنها تنتمي الى مكامن الصدق وحده، فيصورها وكأنها الحقيقة التي عاش تفاصيها كلها فقد يبني على حدث مشاهد مرّ به مروراً عابراً قصيدة أو نصاً كبيراً وهنا تكمن عبقرية المبدع ،أن يظهر الهامشي والعابر وكأنه الاصل والمتن ، أن يبني من بسمة افلة بحار سعادة ، ومن وخزة ألم شلال قصائد حزينة ،

 وفي قصيدتي أسعى دوماً الى ان اكتب ما أحسُّ به وحده ، أكتبه لنفسي أولاً ومن يكتب لنفسه لابد ان يكون صادقا معها ، والعكس يكون نفاقاً شعريا ولا يدخل ضمن الابداع ابدا

نعم احيانا تجنح بي مخيلتي الشعرية عن الواقع قليلا لكنني لاأستسيخ هذا الخيال مادام يفترق كل الافتراق عن الحقيقة ، حقيقة ما احس وأعيش فأكبح جماح تلك المخيلة بالعودة الى نقطة صدق  عشتها فأكتبها بوعي .

مثلما قلتُ سابقاً انا اعيش القصيدة قبل ان اكتبها بمعنى ان قصيدتي مستنبطة من تجربة معيشة وقد يمنحني  ثراء هذه التجربة اكثر من قصيدة او نص، وقصيدتي لاتقف وراء الباب تنتظر ان أستدعيها فتدخل ، وهي أبداً لا تدخل ضمن التمرين الكتابي اليومي الذي أمارسه مطلقاً.

ماهي المراحل التي تمر منها قصيدتك؟

قصيدتي نتاج مخاض ألم  يعتمل في ذاتي لا أشفى منه إلا بعد أن يتحول شيئا فشيئا الى كلمات ،

هل سبق لك أن ندمت على قصيدة لم تكتبينها بعد أو كتبتها في وقت مضى؟

لاأعتقد ذلك ، لان قصيدتي هي الوجه المكتوب لإنفعال حياتي وتجربة معيشة كثيرا ما تكون مؤلمة -كما قلت سابقاً- فأذا ماندمت فهذا يعني إنني نادمة على ألم لم أعشه ! وهذا يدخل في خانة المستحيل .

هل فعلا كل قصيدة كتبتيها توازي خصلة شعر بيضاء في رأسك؟

نعم وبإصرار ، فالشيب يدخل لدي ضمن سياق الاحتراق  دوما، فالرمادي بان  تحرق الرأس هماً فينساك لونه ويصبح ابيض ؛

دائما أنت تخافين من أن تخذلك يوما الكتابة وتجف قريحتك، لذا تبدين مثل تلميذ مواظب على الحضور ، وخوفك من هذا المجهول هل يوازيه خوفك من تساقط شعر رأسك وإصابتك بالصلع؟

الجفاف والنضوب هاجسان  مخيفان جدا ، غير إن المواضبة  على الحضور بالنسبة لي لا تكون إلا في منطقة  الصدق الابداعي وحده وإلا فما معنى  تكرار الحضور أو دوامه في منطقة العتمة  والافتراق عن الذات ، نعم أخاف بل حتى خوفي من الموت نابع من خوفي عن التوقف عن الكتابة التي أتمنى  أن أصل بها في يوم ما الى لحظة تدوين  إشارة فرح ولو كانت عابرة  !

هناك من يوسوس له الشعر كل لحظة بمكر، ويكتب بشراهة، أو بتقتير كأنه يتنفس الهواء من منخر واحد. قد ينشر أو لاينشر ماكتبه، بالنسبة إليك أي طريق ستوصلك إلى نار الشعر المصفى؟

كل شاعر يحلم بقصيدة متخيلة لم يكتبها شاعر غيره قصيدة تدلل عليه وحده يتسمى بها وتوسم إبداعه  وتشير إليه ، فيكتب ويكتب علّه يصل الى ذلك المبتغى ، غير إني اريد من كل قصائدي الت اكتب ان تشير الي وحدي كونها تمثلني في الاقل والمي  والقصيدة متلازمان

هل أنت مقتنعة تماما  بوجود ضرورة أن يمارس عليك أحد ما وصاية على ما تكتبينه، ويحاسبك على أخطائك ويتغاضى على صوابك؟

الكتابة في الاصل هي رفض لوصاية مجتمع ومحاولة  للإنفلات من قيوده فكيف يقتنع كاتب ما بضرورة وصاية شخص ما وخصوصاً على إبداعه  وهو الذي يحاول التحرر والانفلات  من تلك القيود ،كيف يرضى أن يكتب على مزاج شخص آخرغيره هو ؟ لأن الوصاية على الكتابة هي بمثابة صناعة لقيد أثقل من ثقيل يكبل المبدع ويمنع رأسه  من التحليق بعيدا حيث منابع الكلمة الحقيقة الصادقة ، وأبداً لم أجعل شخصاً ما يفرض وصايته عليّ أو على إبداعي باي شكل من الاشكال  وانا المتمردة على كلّ شيء وبوعي

شهد العالم العربي تغييرا في أنظمته، هل تنتظري مثل هذا التغيير والثورات في الثقافة والابداع، وهل سيطول موعد تحقيق ذلك؟

ماشهده العالم العربي من تغير في أنظمته لايقع ضمن التطور أو الرقي أو التغيير نحو الافضل بل هو استبدال لدكتاتور بدكتاتور آخر وهو أن صح القول  تقدم  نحو الاسوء  وهو إرتداد لعصور مظلمة وهذا الامر لاأريده ولاأتمناه ان يحدث للثقافة مطلقاً ، فأنا لاأتمنى أبداً وبأية حال من الاحوال أن أكتب في قصائدي اليومية  المستقبلية  مثلا قصيدة عن (الناقة ) لأنني أرفض أن اراها وسيلة نقل يعتمدها الفرد العربي  تماشياً مع التخلف  الذي سحبنا إليه الربيع العربي ، هذا من جهة ومن جهة أخرى إن التطور في الثقافة لايأتي بالثورات المؤقتة والآنية والصرعات والحركات الزائلة ، بل يأتي هذا التطور وبشكل طبيعي وعبر مخاضات عديدة وصحيحة تقوم على بنى راسخة ولبنات يقوم بها المهتم والمتمرس فيها دون أن يبتغي من ورائها سوى مصلحة الثقافة نفسها وهذا أمر وارد التحقيق وإن طال الامد ، ثم ان الثقافة العربية في تغيراتها وكما تعلمون هي إمتداد طبيعي لتغييرات الثقافة في العالم وبصراحة القول لم تولد حركة ثقافية مهمة من داخل الوطن العربي بمقدار ماكان الوطن العربي ساحة متلقية وبوعي للحركات الثقافية الغربية وصلت إلينا عن طريق الترجمة وتاثرنا بها وربما حاكيناها بحركات مشابه إتسم تأثيرها بالانحسار والجزئية . 

هل من الضروري أن تكوني منتميا إلى مؤسسة ثقافية للأدباء…. هذا من جهة ومن جهة أخرى، هناك من يرى أن الشاعر أو الشاعرة قد يضيع عمره كله ولا ينال الاعتراف، بالنسبة لك هل نلت هذا الاعتراف إلى هذه الساعة وماذا أضاف لك؟

المؤسسة الثقافية  لا تصنع أديباً بل الأديب هو من يصنعها  كما فعل ذلك الجواهري مثلا وأسس إتحاد الأدباء في العراق ، بل قد تعيق أحياناً تلك المؤسسة تحمل يافطة الثقافة المبدع وتحد من انطلاقه ، بل  قد تعمل على جعل ذلك المبدع بوقا لها يمثلها في مناسباتها هي  وتهمله  لحظات العوز والمرض والجوع والشيخوخة  ،أما فيما يتعلق بمسألة الاعتراف فأنا أتساءل مستغربة ممن يجب أن أنال الاعتراف هل من  المتلقي ؟ أم من المؤسسة الثقافية ؟ أم من الحاكم ؟  أم من ذات المبدع نفسها؟

بالنسبة لي أنا أعترف بذاتي  مبدعة وأتصالح معها عن طريق ذلك الإبداع ، ولا يعنيني لا من قريب ولا من بعيد اعتراف المؤسسة بي خصوصاً وهي المسيسة والمحكومة  بأجندات معينة لا تمت للإبداع بصلة ، واعتراف الحاكم لا يعنيني  فلو عرف لذة ما أكتب لقتلني –كما يقول الجاحظ رحمه الله- أما اعتراف المتلقي بقصيدتي فهذا ما أسعى إليه لأنها الوجه الحقيقي لذاتي ، وكثيراً ما يصدف أن يُسمعني أحد المتلقين بعض قصائدي بل يبدون أحياناُ تأثرهم بها ويشكل  ذلك شيء من سعادة بالنسبة لي ولو مؤقتة!

Single Post Navigation

أضف تعليق